أعمال حج التمتع دروس من الحج لسماحة السيد محمد علي الحسيني

لقد خصص القرآن الكريم سورة كاملة باسم الحج وفيها تبيان إجمالي لأعمال ومناسك الحج وتفصيل ذلك نأخذه من السنة النبوية بأفعال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأقواله وتقريره باعتبارها مصدر التشريع الثاني بعد القرآن الكريم وأكد على وجوب ذلك قوله عزوجل :( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقوله :( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).

والمعلوم أيها الإخوة والأخوات بأن النبي حج حجة واحدة في عمره وكانت في السنة العاشرة من الهجرة بعد فتح مكة ودعا فيها أصحابه وأمته ولذلك سميت بحجة الوداع وتعلم منه كل من حضرأداء احكام ومناسك الحج

وصح الحديث عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :

{خذوا عنّي مناسككم} وقوله: {حجّوا كما رأيتموني أحجّ} وهذا الدّليل يستلزم وجوب كلّ فعل فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه واله وصحبه وسلّم في حجّه الوحيد إلّا ما خصّه دليل ومن هنا نتحدث بشكل إجمالي ترتيبي عن أعمال الحج

لدينا ثلاثة أنواع من الحج حج إفراد وحج قران وحج تمتع وهذا الأخير هو الأكثر تحقيقا وعملا خاصة في أيامنا هذه

فحج التمتع هو فرض واجب على كل من بعد منزله عن مكة ثمانية وثمانين كيلومترا وهو أن يجمع المكلف بين الحج والعمرة معا في فريضة واحدة وسمي (حج تمتع) لأن المكلف يحل من إحرام عمرة التمتع قبل الإحرام مرة ثانية للشروع في مناسك الحج فأخذ لفظ (التمتع) من تمتّع الحاج بما احل له في الفترة ما بين انتهاء العمرة وما بين الشروع في أعمال الحج.

 

أيها الأحبة سنبسط لكم أكثر حج التمتع الذي ينقسم إلى قسمين:

نتحدث في القسم الأول بما يتعلق بأعمال عمرة التمتع وهي التي يجب الإتيان بها من قبل الحج وجوبا مرة واحدة في العمر وتتمثل أعمالها في:

الإحرام يكون من أحد المواقيت من خارج حرم مكة وهي أماكن خصّصتها الشريعة الإسلامية للإحرام منها ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن ويسمّى كل منها ميقاتا وهي   ذو الحليفة ...وتقع بالقرب من المدينة المنورة وادي العقيق...وهو ميقات أهل العراق ونجد الجحفة ...وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب  يلملم.. وهو ميقات أهل اليمن قرن المنازل.. وهو ميقات أهل الطائف

أما كيفية الإحرام في احدى المواقيت فتكون بنية الإحرام للعمرة المتمتع بها متقربا إلى الله تعالى ويشترط على الرجل دون المرأة أن يخلع جميع ملابسه ويلبس فقط ثوبي الإحرام  وهما قميص وإزار ثم يلبي الحاج فيقول بلغة عربيّة صحيحة :

"لبّيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك إن الحمد والنّعمة ‏لك والملك لا شريك لك لبّيك".‏

 

وبمجرد الإحرام فقد حرم عليّك أيها الحاج الممارسة الجنسية بكل أنواعها وأشكالها واستعمال الطيب والنظر في المرآة للزّينة والاستظلال من الشمس بالنهار ولبس ‏المخيط وما بحكمه والجورب وستر الرأس والصيد وغيرها وقد ذكر الله عزوجل منها:

(فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).

 

يأتي بعد ذلك الطواف بالبيت الحرام فبعد أن أحرمت تتوجّه إلى مكة المكرمة وأنت على طهارة الوضوءحينما تريد التطوف حول البيت العتيق أشواطا سبعة مبتدئا بالحجر الأسود ومختتما به

ثم أداء صلاة الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام

(وٱتّخذوا من مّقام إبرٰهم مصلّى) فبعد الفراغ من الطواف تصلي ركعتين كصلاة الصبح ‏خلف مقام إبراهيم عليه السلام متقربا بكل أعمالك من العمرة والحج إلى الله تعالى‏

 

وبعد الانتهاء من الصلاة عند مقام إبراهيم يشرع الحاج في السعي بين الصفا والمروة

 (إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما)

ويكون السعي بين الصفا والمروة أشواطا سبعة مبتدئا بالصّفا ‏ومختتما بالمروة‏

 

ثم التقصير بأخذ شيء من الشعر أو الظفر:

فعند إتمام الشوط السابع بالمروة تقصّر فتقصّ شيئا من شعر رأسك ويمكنك أيضا من ظفرك‏

وبالتقصير تكتمل اعمال عمرة الحج وتتحلل من إحرامك لتنتظر في مكة المكرمة حلول اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية)

 

أما القسم الثاني نخصصه لشرح أعمال حج التمتع التي يشرع بها قبيل الذهاب إلى عرفة وهي:

الإحرام للحج من مكة المكرمة بنفس الكيفية التي تمت بإحرام العمرة ولكن تختلف النية هنا  لتكون إحراما عن حج التمتع

ثم الوقوف في عرفات في التاسع من ذي الحجة

فالحج عرفة وهو ركن من أركان الحج فبعد الإحرام يجب أن تتوجه أيها الحاج إلى عرفات بسيارة مكشوفة اذا كان ذلك في النهار ويجب عليّك أن تقف هناك بدء من أوّل ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة إلى غروب الشمس

وبعد وقفة عرفات يأتي المبيت بالمزدلفة

(فإذا أفضتم مّن عرفات فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام)

فعندما تغرب شمس اليوم التاسع وأنت بعرفات تتوجّه إلى (المزدلفة) فتبيت فيها ليلة العاشر من ذي الحجة حيث يجب أن يطلع عليّك فجر اليوم العاشر وأنت ‏بالمزدلفة وأن تبقى بها قبيل طلوع الشمس‏

وحين تطلع شمس اليوم العاشر تفيض من المزدلفة إلى (منى) ومعك حصيات تلتقطها من هناك في المزدلفة حيث تنتظرك بمنى ثلاثة واجبات يوم ذاك عليّك أن تؤديها وهي:
‏‏ رمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيّات واحدة تلو الأخرى‏
 النحر أو ذبح الهدي بمنى‏
 الحلق أو التقصير بمنى‏
وحين تقوم بذلك وتحلق تكون قد تحللت من كل شيء ما عدا الاستمتاع بالنساء والطيب والصيد

ثم تتوجّه أيها الحاج مرة أخرى إلى مكة لتطوف طواف الحج سبعة وتصلي صلاة الطواف ركعتين وتسعى بين الصفا والمروة سبعة كما طفت وصليّت وسعيت أول وصولك إلى مكة‏

وعندما تكمل ذلك تطوف بعدها طواف النساء سبعة وتصلي صلاة الطواف ركعتين

 

ثم تعود بعد ذلك كله إلى منى حيث يجب عليك أن تبيت هناك ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر وتبقى بمنى حتى ما بعد ظهر اليوم الثاني عشر

 

وترمي أيها الحاج الكريم خلال هذه الفترة بسبع حصيّات كل من الجمرات الثلاث الجمرة الأولى والوسطى والكبرى ويكون ذلك بالترتيب في اليوم الحادي عشر ثمّ تعود وترميها ثانية في ‏اليوم الثاني عشر كما رميتها سابقا

وبحلول ظهر اليوم الثاني عشر وأنت بمنى ثمّ تغادرها ‏وهنا أيها الحاج الفاضل تكون قد أنهيت كل واجبات الحج

فحجا مبرورا وسعيا مشكورا 

أعمال حج التمتع دروس من الحج لسماحة السيد محمد علي الحسيني انتاج قناة اوطاني الرقمية